«على الكتاب أن يشتغل على صورة تعدد مواقف الصدمة. عليه أن يتصدَّع مثل انفجارات الهولوغرامات. عليه أن ينطوي على نفسه مثل الثعبان في تلال السماء. عليه أن يقلب كل التعبيرات المجازية. عليه أن يمَّحي في القراءة. عليه أن يعود إلى قبره».
(28، ص. 103).
سأتناول في عرضي مسألة الأدب الرقمي دون الأدب المرقمن على الإطلاق… وأظن أنكم ترون الفرق. والتوليد يخلق هذا الفرق. ولكي أوضح طرحي؛ خلال مداخلتي، سيقوم جهاز حاسوب على الأقل كما آمل، بتوليد أدب على الشاشة الموجودة هنا. لا تسألوني عمَّ سيكتبُ: ليس لدي عنه سوى فكرة غامضة. كل ما يمكنني قوله هو أنه يستطيع أن يكتب َعلى هذا النحو، أو غير ذلك، إلى ما لا نهاية، وأنه إذا استأنف الكتابة في غضون ساعة واحدة فسوف يكتب شيئا مختلفا عما سيكتبه الآن. لا تطلبوا مني إطلاقا نسخة من النص الذي سيتم إنتاجه خلال هذه الحصة: بما أنه يمكنني الحصول على نصوص جديدة في أي مكان وفي أي وقت، فلا شيء سيتم حفظه اليوم.
هذا وحده يهمني على وجه الحصر تقريبا.
وهنا نجد أنفسنا أمام مشكلتنا الأولى: ما فائدة أدب لا يمكن للمرء أن يحمله في السفر وينقله إلى أبنائه ويعيد قراءته ومناقشته مع الأصدقاء والاحتفاظ به في مكتبته أو على الطاولة قرب السرير: أدب يهرب داخل المجرَّد، وبالتالي يصرُّ على تحدي الذاكرة والتجميع، ويخلخل معنى الزمن ومعنى التبادل؟
سأترك الأسئلة مفتوحة حول سائر هذه الجوانب، كي أنتقل على الفور إلى النقطة الثانية:
تلقيتُ في الآونة الأخيرة رسالة من كلوديت أوريول-بوير، أستاذة في جامعة غرونويل، تتضمن نصا بديعيا طويلا، اعتمدتْ في كتابته فن الجناس التصحيفي أو القلب اللفظي(*)، وهو التالي:
Il y a peu de temps, Claudette Oriol-Boyer, professeur à l’Université de Grenoble, m’a fait parvenir le texte suivant dont elle est l’auteur, constituant un seul long chiasme :
PLIURE Près des piles
tuiles et tulipes, lupins au plissé mutin, rutilants de pluie.
Au plus
profond de l’ombre, à foison, des ombelles, frondaisons de bronze.
Qui donc pourra
décrire encore, près du hangar, le fantastique miroitement des corbeilles d’argent sous
la nuée des abeilles?
Mais lui, qui sent l’inutile en ce matin
mouillé, élit
un pin palpitant près des tuiles.
Onze heures.
Il fait froid pour la saison.
Puis le matin explose.
Au mulisse des lautissons, au plus lisse des brondaizons, au plus bronze des lumilles, qui donc, cordar, tupisques, fantatulles au rimoir des pulpins, tant pis, aux lumisses palpiles, viens-tu, aux tubeilles garfondes, aux tu, belles, garçons, moulin qui, qui muilt, qui luit aux lumilles, aux lumiettes, aux pillages, aux piliers, aux piliers des tilles, vois-tu le mulot, le tissu, le liseron, les palpules ?
S’expose ta main, pliures.
Saison, là, pour.
-Froid, fait-il.
-Heures?
-Onze
Tuiles des près. Palpitant pin. Un.
Et lit mouillé.
Matin.
Ce, en l’inutile sens, qui luit. Mais…
abeilles des nuées, là.
Sou d’argent.
Corbeille des miroitements fantastiques.
Le hangar du pré. Encore décrire.
-…pourra donc…
-Qui?
Bronze de frondaisons.
Ombelles des foisons, à l’ombre, profondes.
Plus haut…
pluie de rutilants mutins plissés.
O lupins, tulipes et tuiles, piles des prés !
وقد أرفقتْ صاحبة الرسالة هذا النصَّ الطويل بالكلمة القصيرة (كتبتها بخط اليد) التالية:
قصيدة صدرت في مجموعة مهداة إلى روح الزميل فيليب رونار، (Fracture, pilule, Ellug, 1993, Université de Grenoble Stendhal)
هل تعتقد أن جهاز الكمبيوتر يستطيعُ أن ينتج مثل هذا القلب اللفظي؟
سؤال جيد… أترون ما أقصد؟…
ذلك أن جوابي هو نعم أولا وقبل كل شيء. فعلى عكس الأفكار الشائعة التي تخلط بين براعة الإنسان والتقنية الرقمية، ليس من الصعب جدا برمجة كتابات على شكل قلب لفظي شريطة أن نقبل، كما في النص أعلاه، بعض التقريبات الدلالية وألا نتقيد كثيرا بالمواضيع. أظن أننا متفاهمين جدا حول هذه النقطة. يكفي أن تكون هناك استراتيجية ذكية للبحث والإعداد.
يتوفر موريس غروس، من جامعة باريس السابعة، على برنامج يكتب جناسا تصحيفيا انطلاقا من أي اسم علم، وقادر على العمل على هذا النحو. ومن خلال الاشتغال على توليفات معجمية، من المتعين عليه أيضا، في هذا المجال، أن يكون أسرع وأكثر شمولية، وأكثر «براعة» من أي مؤلف إنساني.
ولكن أليس هذا نوع من الخلط بين الأدب ولعب المهرجين؟
ليس هذا أيضا ما يهمني حقا، لأنني لن أناقش هنا مسألة التضاد وسرعة الكتابة، فقد كان سيمنون يكتب مباشرة أمام جمهور رواق لافاييت.
لأن جوابي، في الواقع، عن سؤال بوير كلوديت – أوريول بوبير هو: «هذه ليست مشكلتي»، أو بعبارة أدق: لا تهمني هذه المشكلة بالضبط لأنه يبدو من البديهي جدا أنه يمكن تكنولوجيا إنتاج قلب لفظي بواسطة برنامج على درجة صغيرة من التطوير: فالأدب الرقمي، كما أفهمه، ليس له أي علاقة بأدب المهندس، لأنه يتطلع قبل كل شيء، إلى أن يكون أدبا… ولا شيء غيره. فهو يرفض أن يُحبَس في آلة الحاسوب، حبسا ليس آمنا للغاية في رأي جمهور من قراء لا يريدون التخلي عن قناعاتهم… كما يرفض الشفافية الكاذبة للتكنولوجيا. هكذا، فبرفضه أن يُوضَع في خانة اللعب والمهارة، وبمساءلته العميقة للأدب، فهو يطالب بحقه الكامل في الوضع الاعتباري للأدب.
ليست مهمة استخدام الحاسوب أدبيا هي إنتاج أدب فرعي تكنولوجي يموت بمجرد ما يولد، وأدبَ ورشة يعرض إجراءاته، لأن تأثيره الوحيد سيكون آنذاك هو مواصلة تقديس الفعل الأدبي السابق، وهو الأدب الذي يحدد غايته دائما في أن يدوَّنَ في «الـ» كتاب، إنه تقديس يعززه خطاب من نوع: «أرأيتم أن الحاسوب لن يستطيع أبدا أن يكتب على هذا النحو، وأنَّ الكاتب وحده هو ما يهم». آنذاك، يتم نقل النقاش كالعادة إلى المنطقة السيئة، وهي منطقة العلاقة بين أشياء من قبيل «العبقرية»-»الابتكار». بيد أني لا أستطيع أن أصدق وجود كتاب عبقريين وكتاب مبدعين فقط. فهناك كتاب يستخدمون الأدوات التي يتوفرون عليها لتحقيق الأغراض التي يحددونها، وهناك آخرون ينتجون أنواعا مختلفة من النصوص وفقا لتصوراتهم الإيديولوجية للشأن الأدبي وللتدخلات التي يضطلعون بها داخله. لكن مسألة «جودة» النصوص المكتوبة وجودة «عبقريتها»، في هذا النقاش، توجد خارج حدود الحقل لأنه يتعين اعتبار جميع السياقات ما وراء النصية المؤسِّسَة للأدب، وهي سياقات لا تؤدي في نهاية المطاف إلى أي حقائق يقينية أخرى ما عدا حقائق سلطوية وإحصائية.
يهدف الاستخدام الأدبي للحاسوب في العمق إلى إنتاج أدب آخر أو، بعبارة أدق، إلى تسجيل تواصلي آخر للشأن الأدبي. حيث لا يمكن للرغبة في الحكم على آثاره من منظور مغاير سوى أن تؤدي إلى فهم كامل أو ربما إلى أسوأ من ذلك، وهو سوء التفاهم.
ولا أعتقد أنه لا يمكن للأمر أن يكون خلاف ذلك. فالأدب الرقمي لا يعتبر نفسه أدبا فرعيا، بل تحولا جذريا للفن الأدبي، أدبا أكثر «حداثة». وأقول «حداثة» دون تجاهل سائر أشكال الغموض التي حُمِّلَ بها هذا النعتُ، على الأقل منذ بوالو: الأدب الـ «حديث» هو أدبٌ يستبق ويتوقع، داخل معاصَرة معينة، مجمل الإشكاليات المؤسِّسَة لعلاقات الشأن الأدبي التواصلية.
كما يقول جورج شتاينر (31، ص. 94-95) – وكما يتجلى من كل زيارة لمتحف فن حديث، لاسيما في الولايات المتحدة حيث ثقل تقاليد الثقافية أقل قوة – يقتضي فهم الفن المعاصر قبولَ اختفاء كل مفهوم ل«الثقافة» جوهري القيمة، ومرتبط بالضرورة بالمجتمعات الهرمية، واستبدالَه بمفهوم مجموعة «ثقافات» كلها متساوية. بهذا المعنى، فالحاسوب – ثقافة الحاسوب، وطرق التفكير التي تؤدي إليها- هو أداة كتابة جديدة وحديثة كليا. لأنه يضطر إلى المحو الكامل للنقط المرجعية التي هي القيم «الكلاسيكية» – أي المؤسَّسَة على مبادئ مقبولة سابقا – لثقافة ذات أسس جماعية، فهو يُخرجُ scénarise مضادا للثقافة التراتبية، ويُخرجُ شيئا يُشبه «ما بعد ثقافة». في هذا الإطار، تميل الثقافة الجماعية إلى الاختفاء لفائدة ثقافة أكثر فردية، ولكن خصوصا لصالح الثقافة – الفرد، أو على الأقل لفائدة تناثر ثقافات صغيرة شفافة إلى حد ما داخل كلّ مُركّب دونَ أن تدعي أي واحدة امتلاك الحقيقة الواضحة لتفوق ما. لا يدعي الأدب الرقمي العالمية الملموسة وشبه الرَّبانية لل «أدب» ما قبل الرقمي، حيث كانت مهمة الفاعل (أو النشط) اللانهائي الوحيد تُحصر في التفسير والشرح. إنه (أي الأدب الرقمي) لا يريد أن يكونَ سوى اللحظة المؤقتة والعابرة لديمومة وشيوع أدبي لا يتجلى إلا في لحظة الدافع الإبداعي الوحيدة.
لأنَّ ما يريد الأدب الرقمي أن يُظهره قبل كل شيء هو القوة الحيوية واللانهائية للتواصل «الأدبي»، باعتباره ضفيرة مركزية من الروابط بين الأفراد، ولغاتهم وثقافتهم، ودينامية معقدة من العلاقات. إنها القوة المخصبة للغة بما هي كذلك، أي مُستخدَمة خارج خصوصيات مقيدة لكل سياق. القوة المخصِبة للغة التي تتأسس الذات داخلها المتلقية في أية لحظة. في هذه الحالة، ينتقل التحدي الوجودي للنص من المؤلف إلى القارئ.
على هذا النحو، قد تكون الكتابة الرقمية إحدى الشواهد التوضيحية الأولى عن تجريد الكتابة من الإنسان تجريدا إيجابيا. ليس للعلاقة أدب-تفرد صوت، للعلاقة «أصالة التجربة المنقولة / عمق التجربة الأدبية» أي معنى هنا. ما يهم هو الحركة: تنفيذ الأدب. بفرار النص الرقمي من التحجر المشخصَن للنص «الكلاسيكي»، فلا فائدة له فائدة سوى في المدى الدقيق الذي يُسقط فيه نصوصا مجردة من الجسد لكنها مولِّدَة للمعنى على مستوى رفيع. اهتمامه العميق هو الإخراجُ، وإعطاء المثال (الأمْثَلَة)، والتوليدية بين الذاتية للمعنى الأدبي، وبشكل أكثر دقة، مع جميع الانفتاحات الدالة التي يمكن أن يأخذها هذا التعبير. إنه تعظيم للانهائية الدلالية وتحسين لها بالفحص المنهجي والمجرَّد من السياق لوسائل التعبير الشكلية.
أن يكون هناك مؤلفٌ، أو لا يكون، في الخلفية، مثل ضجيج عميق مُدرَك على نحو غامض، وأكثر دقة [أن يكون أو لا يكون هناك] برنامج للتوليد، فلم يعد لهذا في نهاية التحليل أهمية كبيرة: ما يهم في العمق هو إقامة علاقة جذرية جديدة مع القراءة. أو بتعبير أدق، ما يهم هو الثالوث العُرفي مرسل-رسالة-مرسَل إليه، أو مؤلف-كتاب-قارئ -، وتسليط الضوء على لاجدوى للمصطلح الأول نهائيا. هنا، لا وجود لأي داع موثوق به لرهان وجودي، إذ يؤكد كل أدب معلوماتي فراغ المؤلف، من أي زاوية ننظر إلى هذا الأدب. حول هذه النقطة أيضا، أعلم أننا نتفاهم…
إذا كان يجب أن يكون الأدب شيئا من قبيل «ترجمة المفهوم / المعقول والفردي إلى عمومية يمكن لأي شخص أن يدرك بها شيئا (…) يتطلب أكبر قدر من البلورة والاستثمار على صعيد الاستبطان والتحكم» (28، ص؟)، فيجب الاعتراف بأن الأدب الرقمي إما مستحيلٌ أو أن مفكرينا مخطئون عندما يثمنون دور المؤلف. لأنَّ النص الرقمي المعزول، مثله مثل كل نص آخر يُقبل باعتباره «أدبيا»، يستجيب عادة لقراءة ذاتية. أو (وهذا سؤال مؤسِّسٌ) إذا كانت النصوص الرقمية تقبل القراءة بالمعنى الحرفي للكلمة، فالأدب الرقمي يتموقعُ جذريا خارج هذه النزعة الإيديولوجية الأدبية «الكلاسيكية» التي تسود في الآداب منذ بضعة قرون: لا وجود لإلهام، ولا تجربة أصلية، ولا قصد، ولا عبقرية… ولا تفرد للمؤلف. الأدب الرقمي يرفض هذا «الطفح» الخارجي لكيلا يترك أمامه سوى الذات-القارئ وحده. ما يتأسس هنا هو علاقة وجودية جديدة: علاقة بداخلها يقبل القارئ، أو لا يقبل، الانخراط فيها من خلال استدراج النص للكلمة. والحاجة هذه، لا حاجة على الإطلاق لرهان وجودي (قضية وجودية؟؟) يصلح أمنا جماعيا للنص ولتبرير تأثيرات القراءة، لا يحتاج أي أحد لإثبات أن الكلاب تعضّ وتنبح، لأن ما يهم، ما وراء الوقائع، هو قبول أن الكلمات تؤسِّسُنا.
هذا ما يزعج في النص الرقمي: لا يوجد أي شخص ما وراءه. لأن القارئ لم يعد إطلاقا يستطيع الاحتماء وراء العذر بالسبب المناسب لمؤلف، فهو لا يُعادُ سوى إلى نفسه. في نهاية المطاف، إذا كان هذا النص يحدِّثُه، فقد كان بإمكانه أن يكتبه هو نفسه لأنه، بقراءته إياه إنما يقوم بهذا جزئيا. يكشف استبدال المؤلف-الإنسان بالآلة-المؤلف عن فجوة: لا يأتي النص الرقمي من لا شيء، لا يفتح على أي شيء، فهو ليس سوى هاوية في أسفلها، يمتح القارئ، في إعادة تقييم التعبيرات، من موارده اللغوية الذاتية…
ولن أسهب في الحديث عن ذلك، لأنه يحيلنا إلى المشكلة الثالثة…
المؤلف هنا مخبأ، لا يُصمّمُ النصوص بطبيعة الحال. ما يصمّمُه، في أحسن الأحوال، هو احتمالات نصوص، بمعنى شيئا يُشبه رسما تخطيطيا لأدب لم يوجَدُ بعد، إخراجات مقبولة لنصوص افتراضية. يُخطِّطُ شروطا، وقيودا: مجموع دواليب الآلة. فهو يرى أن الكلمة لا توجد في علاقة معينة بواقع معيَن، ولكنها توجد بمثابة جزء من معجم ممكن؛ والسياق لا يحيل على العالم، بل يُشيرُ إلى قيود الاتساق التي تفرضُها القوانينُ المُتبيّنة، والإحالات هي مراجعٌ متحركة تنبثق من العلاقات المادية العميقة لذاكرة علاقات؛ التركيبُ شجرة من الاختيارات؛ الإيقاعُ مجموعة متغيرات رياضية تقريبا لا يُدركُ تأثيرها إلا بعد وقوعها: أمام النصوص التي تولّدُها آلات خياله، يكون له دائما دور القارئ الناقد.
باتخاذه قراءات مجرَّدة، يكون الكاتب «الرقمي» مهندسا للنص لا يستطيعُ قياس وظائف عمله إلا عندما يُبنى مجموع الآلة. ما يعطيه للقراءة هو في آن واحد نص وطريقة استعماله. وكما [هو الأمر] أمام كل تقنية يميل استعمالها دائما إلى إتاحة استقلال المستخدِم: تستدعي قراءة النص الرقمي إدماج طريقة الاستعمال، وجعل القارئ مُركِّبَ الإبداع الأدبي.
أكثر من أي شيء آخر، النص الأدبي الرقمي هو نصٌّ يحمل في حد ذاته، وفي غياب مؤلف قابل للإدراك، مجمل سياقه، أو بالأحرى يخلق هو نفسه مجموع سياقاته. كل نص هو مغلقٌ، ومنفلت، وغير قابل للوصول إلى المقابض الخارجية: العالم الحقيقي لا يدخُل فيه. بهذا المعنى، لا يوجدُ النصّ إلا في الـمشاركة والتواطؤ: لعدم إمكان إثبات صلاحيته بخبرة العالم، فهو ليس له حقائق سوى تلك التي تريد أن تمنحها إياه قراءته. كلمات النص الرقمي لا يمكن ردها أو رفضها، بحيثُ ليس لها أن تقدم أدلة أخرى غير تلك التي تحملها في ذاتها. الجو جميل، كما قد يسقط المطر، والثلج، أو كلاهما معا؛ يمكن للماركيزة دائما أن تخرج على الساعة الخامسة، كما يمكنها ألا توجد، أو أن «تختار» أي ساعة. وراء النص المعروض، تُقرأُ دائما جميع النصوص الممكنة، أي جميع النصوص الأخرى. ليس هذا النص إلا التحقيق الخاص للانهائية من الممكنات. وراء الأدب الرقمي، يفرضُ نفسَه الحضور الفريد للأدبية. تختبر الكلمات، أحيانا إلى حد عبث واقع مستحيل، تعاون القارئ. لا يأخذ عالم النص الرقمي وجوده إلا لأن القارئ يقبله. كل تعبير لغوي يكون فيه كامنا، انتظار أخذ تعبير.
ذلك أن كل نصّ يتطلب، في كل قراءة، ثقة عمياء ولأن كل قارئ هو في كل مرة قارئا فريدا من نوعه، فالنص يبقى متاحا، عاريا أمام كل قراءة جديدة.
إذا، كلما امتزجت اللغة بالتواصل تحللت المفردات وأصبحت علامات فارغة؛ كلما نقلت الكلمات ما يُرادُ قوله وكانت واضحة وشفافة أصبحت بقدر ما تصبح عاتمة وكتيمة. لا شيء أكثر لاتعبيرية من الواقع يُظهر الحقائق reality-shows: وراء مظهر الكلمات الشائعة، ما يحدث في التبادل ليس سوى التفاهة المشتركة، لا شيء أبدا من التفرد المطلق للتجربة الذاتية: «ما لا يبدو أنهم يفهمونه هو وحده ما يبدو لهم مفهوما؛ ما هو مغتَرَب في الواقع، وهو الكلمة المستهلكة بقوة استخدامها، يؤثر فيهم لأنه مألوف لديهم…» (Adorno, Minima Moralia, p.98, ed.Payot, Paris 1991). الوضوح أو الشفافية هما وضوح وشفافية هذه الأحواض السمكية الزجاجية التي تحمينا نهائيا من الكائنات الطبيعية المزيفة التي نعيشُ بداخلها معزولين… فلكي يكون هناك معنى، يجب أن تكون هناك مقاومة، ومجهود للفهم، ومخاطرة وخطر، بمعنى أن يكون هناك التزام من جانب «القارئ». وإلا فإنه لا يتم نقل إلا ما سبق قوله بالفعل. ولكي تنكشف وحدة التجربة الذاتية في التبادل، يجب أن تكون هناك معارضة للفهم.
استخدام التكنولوجيا هو قطيعة طوعية وتسليط ضوء على خصوبة عتمة الكلمات. ليست الكتابة والقراءة عمليتان فوريتان. الفهم – cum-prehendo – هو في الواقع أخذ مع الذات، وارتداء، وتشفير وليس عبورا. لأن النص الرقمي يُسجل في حركة هذه الأجيال، فهو يتجاوز فهم الآليات، ويُقدِّمُ لقراءه آلياته الإبداعية الخاصة ويضع الذات القارئة أمام رغبة الفعل الشخصية.
أظن أننا متفقون حول هذه النقطة.
يبدو على الأقل أن نص الكمبيوتر مفتوح، فضلا عن النصوص الأدبية الأخرى، والاستثمارات في القراءة شرط أن تقبل، وهذا هو القول، بالنظر إلى إحدى السياقات العادية للنص، والطباعة، والقراءة العامة، أو أكثر ما يخفي ذلك بالضبط، البخل.
هنا تنتهي النقطة الرابعـة…
من البداية، يُخفضُ النص الرقمي جذريا مجمل المرجعيات المادية التي يقوم عليها «إعداد القارئ»: مظاهر الكتاب المادية (المجلدات، السُمك، المعالم الطوبولوجية، تطور الفعل، وما إلى ذلك…) التي يُجرِّدُها، عدم تحديد الأنواع [الأدبية]، وما إلى ذلك، ويطرح نفسه بمثابة أدب جديد جذريا يتعينُ فيه إعادة ابتكار مجمل فعل القراءة. لأنه يرفض إعادة إنتاج شفرات العالم، رموز العالم الإنجابية، تتطلب الـ «رواية الرقمية» ابتكار قراءتها، وخلق جميع شفراتها، وهو ما لم تعد تقوم به اليوم الرواية «الورقية» التي تكتفي بتعديل بعض هذه الشفرات و، لأجل ذلك، ترتكز بقوة على كل العكازات التي تقف عليها: .. وإذاً، فالأدب الرقمي يريد أوَّلا أن يكون نقلا للأدبية إلى التقنية بحيث تكتسب التقنية صفة الأدبية لأن ما يكشفه، في تعدداته وتبايناته، أولا وقبل كل شيء هو إمكانياته وتغيراته. على الرغم من أن هذا ليس بالجديد مطلقا في تاريخ الأدب حيث وُجدَ إغراء تنظيم إخراج الجهاز «التقني» دائما هامشيا على الأقل، فحوسبة الأدب لتكنولوجيته هنا تضعُه في موقع أكثر راديكالية: تقوم فورية التوليد ولا نهائيته بإخراج الشكلانيات التي تنحدر منها النصوص. وعلاقة الذات بالكتابة تكون أيضا علاقة مع الزمن، والمفهوم الإجرائي للمؤلف في حد ذاته يعاد تعريفه كليا، لأن ما يهم في المقام الأول هو الذاكرة «التاريخية» للأشكال وتنقلها. ليس هناك قطيعة، ولكن هناك امتداد مسرف. فالشخصية التي، في غياب بديل أفضل، لا يمكن تسميتها سوى بـ «مؤلف» معلوماتي لا تزعم نفي التقليد من خلال حداثة متطرفة، ولكنها تبحث عن شيء مثل قراءة جديدة، أو على الأقل قراءة لم يُسمع بها. وكل ما يدعيه هو إثراء إمكانيات النصوص. يتخل الأدب الرقمي عن الخيال لكونه لا يهتم في المقام الأول إلا بشكلنة الإنتاج الذاتي للمعنى. وبهذا، فهو لا يوجد إلا في الإبداع الأدبي اللانهائي. يرفض النص الرقمي كاريكاتور التصلّب، وديكتاتورية الزمن، ويكتبُ سيناريو استيهام الخلود.
استيهام خلود مختلف جدا عن نظيره في الأدب «الكلاسيكي»
وستكون هذه نقطتنا الخامسة.
يلتفتُ الكاتب «الكلاسيكي» نحو تقديس «النص»، من خلال احتياجاته لمراجع رسمية، ينقل نظراته إلى الوراء، أما الكاتب الرقمي، فهو كالعالم في سعيه إلى التقدم، إذ يصوب عينيه مرة أخرى صوب الأمام. تنشأ الثقافة الكلاسيكية من رهان على التعالي: «الفن والعقل يلتفتان صوب أولئك الذين ليسوا بعد، في خطر إرادي، صوب ما يهمله الأحياء» (31، p.102)؛ لم تعد الثقافة الكلاسيكية تُنتَجُ إلا للمتاحف، ومن أجل «الحفظ»، وبالتالي تتعارض مع الاستهلاك العابر. إنتاج كتابات يوجّهُ كليا إلى أرشفتها. في هذا السياق، تعاش أقل «خسارة» باعتبارها مأساة ثقافية: كل مخطوط يُتلفُ هو مكتبة تُحرق؛ وفقدان أي مسودّة مخربشة في ركن من مكتب يُعاشُ بمثابة كارثة… ضد هذا الفن «المتحفي»، ضد هذا الفن للمكتبات والغبار، الكتابة الرقمية هي فن للاستهلاك يرفض الرجوع إلى آثاره.
مثل الهابنينغ، يُحاربُ الزمن الحقيقي للنص الرقمي الذي لا يوجد إلا في فوريته، أوَّلا، ضد هذا: «الأولى ضدها في كل مكان، ينتصر فيروس التأييد المتناقض، والإفساد، ويحملنا نحو نشوة هي أيضا نشوة اللامبالاة» (28، p.31). ولكن هذه «اللامبالاة» التي يخشاها بودريار هي في الواقع إيجابية، لأنها لا مبالاة تجاه تراتبية خارجية للقيم، وتجاه ثقافة التقديس. “لم يعد الجمهور هو صدى الموهبة الفطن، ومستجيبا ومناوبا في نقل محاولة فريدة من نوعها؛ فهو ينضم إلى الصياغة الفنية وسط خليط من الطاقات الجامحة أحيانا» (31، ص. 106). بما أن النص لم يعد أدبيا، يجب عليه أن يدمِّر الآن كل مرجع لأنَّ ما يهدف إليه هو حركة الشأن الأدبي نفسها وليس هذا أو ذاك من تجلياته الفريدة. كذلك، فالحاسوب يُنتجُ من النصوص مثلما ينتج من «موسيقى». ثقافته هي إلى جانب التشرذم، والتشتت، ومن خلال عرضه على شاشاته اختفاء السيد والمطالبة الأبدية، فهو يدعو الفرد-الثقافة. الروح المعاصرة هي قطيعية تتلذذ في فورية اللحظة المشتركة، في حين كانت نظيرتها في السابق جماعية في اللازمنية الثقافية المشتركة. الأدب الرقمي، وهذا هو ما يُحيِّرُ، يريد لنفسه أن يكون إلى جانب سطحية الفرجة الجياشة. فهو يريد أن يعقد صلحا نهائيا بين النشاط الأدبي والنشاط اللعبي: أي فصل الأدب عن مجال الجد التبجيلي والقاتل الذي يسجنه فيه كل تقليد «كلاسيكي». وككل نهج أدبي، يتعين على الأدب الرقمي أوَّلا محاربة هذه المقاومة في حد ذاتها، وإيجاد السبل الخاصة به، وذلك بأن يرفضَ، أحيانا بثمن الإثارة والخطأ، بمجازفة اللامقروء، ما يُغلقُ فيه داخل سُمك أزمنة الموتى اللزج.
لأنَّ ما يتغير، هو إدخالُ الرَّقم.
وها نحن في النقطة السادسة:
قصيدة رقم 25.211، قصيدة رقم 453 510 … يدخل المتعدد في القراءة مثل نكوص، وسخرية. يستحيل نشر أو قراءة مجموع النصوص التي يمكن أن ينتجها المولد الأوتوماتيكي للنصوص: 10 15, 10 56, 10 x…. يتطلبُ العدد الصانع للمعنى في حد ذاته طرقا معينة للوساطة: عروضا متنقلة، انسدالات، إخراجات مختلفة… وما يتغير في الواقع هو تعدد النصوص الذي تتيحه التقنية. وبما أنَّ النص الرقمي لا ينضبُ، فهو يزعج قارئه من خلال التأكيد الجلي الطافح بالعوالم الممكنة. . بهذا المعنى، فهو يزعزع الاستقرار من خلال تعرية الكذبة المؤسِّسَة للأدب التي يسهل تصديقها: وهي الاعتقاد عموما – ولو أن هذا الوهم المريح لا يلعب أي دور في القراءة – بأن وراء كل نص هناك في الأصل كاتبٌ، أنَّ هذا الكاتب يكتبُ، وأنه، من خلال أداة معينة، لا يضع كلمات محدَّدة بجوار أخرى إلا ليُنتجَ معنى خاصا لتجربة فريدة من نوعها ينقلها في كل أصالتها لقارئ يتبناها من خلال قراءته.. بعيدا عن البحث عن نسخ نص ما «الجيدة»، لا يوجد الأدب الرقمي إلا في تنويعات نص مجرَّد. «تماما مثل ضفدعة تقفز: لا يستطيع أبدا أن يتخطى المسافة نفسها أو أن يقفز كل قفزة بطريقة واحدة. قد يكون تغريد الطيور هو أكثر ما يشبه التكرار، ولكن إن تسمعوه، فهو أيضا ينوِّعُ في تكراره. وهذه هي الطريقة الإنسانية في التعبير، إذ من خلال قولنا الشيء نفسه فنحن نصر جميعا على تنويع التعبير (30، ص. 131-132).
ما فائدة الاختيار بعناية بين «للأعشاب ظلال خضراء مذهبة» و«هو يتأمل خضرة الأعشاب البنية» إذا لم يكن لكل واحد من مقطعي الجملة وظيفة أخرى غير التنصيص على التفسيرات الشخصية في كل مرة لكل قارئ من قرائهما؟ يجعل العدد، حرفيا، القراءة مستحيلة ويكشف عن الثراء اللامحدود للاختلافات التي تشتغل في الذاتية …
دعونا نكون واضحين: النص المولد بالحاسوب لا نهائي في عدده، ولا نهائي أيضا في فضائه.
يخلق النص الرقمي شكلا جديدا، لا استهلال له ولا خاتمة، نصا كالكلمة، يدور من تلقاء نفسه، يتحرك، يتنقل أمام أعيننا، يُعقدُ ويُفسخُ من تلقاء نفسه، نصُّ بانورامي. هو عكس الأدب التجاري الذي يحرص على عدم زعزعة استقرار قرائه، فيُعيد إنتاج لا نهاية من الكتب المتطابقة تقريبا، والقابلة للتبادل في الزمن تقريبا، هي الروايات … لا يستبدل النص الرَّقميّ سوى نفسه، أو بالأحرى يُنسِلُ باستمرار، يتحول في كل لحظة إلى هذا النص الآخر الذي يدخل هو أيضا في الجدة الجذرية لـ «آن» أبديّ. أما قارئه، فهو مثل باحث في مختبر، يواجه باستمرار تنويعات لا نهائية يضطر بموجبها تدريجيا إلى ألا يقرأ سوى المفهوم المهيمن على تلك النصوص، فتصبح القراءة آنذاك قراءة للقراءة، قراءة لذاتيته وليست بحثا عن الذاتية في القراءة.
بتدمير الأدب الرقمي للنقيلات(**) الأيديولوجية التي تجره إلى الماضي، والتحجر، والموت، فهو لا يهتم إلا بما يؤسس الخصوصية الأدبية: «الأدب والفنون هما نقدٌ بمعنى أكثر نوعية، وأكثر عملية، إذ يعرضان تأملا في إرثهما وسياقهما وحكم قيمة على هذا الإرث والسياق» (30، ص؟). يضع النص الرقمي القارئ في مواجهة ذاتية لسانه. الكلمات التي يقرأها لا تملك هذه القوة لأنَّها أرسلَتْ من لدُن فكر يتعذر الوصول إليه ومُطمئِن بتفوقه، لا تملكها إلا إذا متحت من ذاتها قوة إعادة الحكم على لغتها ومعرفة الاختيار. بين قراءة النصوص الرقمية والكتابة، ضعفت المسافة. يرفض الأدب الرقمي أن يسجن نفسه في المفرد والمتفرد، ويطالب بالقابل للتكرار والتنويع، «كل ما لا ينتمي إلى جريان شيء ما، ولكن إلى تكوير أو ارتداد، بمعنيي الزَّمَن» (جان بودريار، ؟)، فهو يتموقع أوَّلا باعتباره تقنية، ولذلك يعرض تنويعاته. «العاطفة الوحيدة اليوم هي عاطفة تعدد الحيوات المتزامنة… ضد محاكاة قصة خطية «في تقدم»، تفضيل كل ما لا ينتمي إلى اللاخطية، وشكل المزحة أو الجناس التصحيفي، وقابلية الانعكاس (أو الرد) التي هي قابلية المفردة أو الجملة للقراءة بمعنيين داخل اللغة». (28، ص. 240): الشبيه والمختلف؛ الإيقاع والحياة. ترون ما أعنيه؟
الأدب الرقمي إصرارٌ متغير على أشباه موضوع له علاقة بالزمن، بالذات، باللغة، بالذاكرة وذاكرة اللغة… بالحياة والموت. وكما لكل جيل أدبه فالجيل القادم هو جيل الآنية العالمية، والذكاء الموزَّع في وقت واحد، ودماغ العالم، والغريزة الشمولية: بهذا المعنى، وبه وحده، يكون الوسيط هو الرسالة…
هكذا، خلافا للمظاهر، لا يتموقع الأدب الرقمي ضد الأدب «الآخر»، ولا يعاشُ في قطيعة إلا في أساليبه الإيديولوجية السطحية. على العكس من ذلك تماما، فهو الوحيد الذي لا يزال يقدم حياة متجددة لمفهوم الأدب نفسه ويُلازمُ تقاليد ممارسة الكتابة الأدبية العريقة: يجعل القراء يتخلصون من وَحل الشكلانيات التقليدية التي انتهت إلى تراتبية المتن الأدبي، والخروج من الإعجاب الذي يسيلُ لُعابه ويحدث شللا من أجل – ومن خلال تذويت إجرائي للغاتهم – أن يمسكوا بزمام عالم لغتهم. لأنه، في الواقع، إذا كان غرض الكتابة الرقمية الوحيد هو احتلال المكان الاعتيادي للنصوص الأخرى، فسيكفي الحفاظ على الغُفلية أو الخيال المريح للتوقيع الكاذب: المؤلف المجهول الذي صمَّمَ برنامجا متجاهَلا سيوقِّعُ كتابة نصوص لم يكتبها أبدا ولم يصمِّم سوى جوهرها. خداعٌ مثير للسخرية قد يكون تأثيره الوحيد هو تمديد الخيال السيء.
ذلك أنه، أكثر من أي مكان آخر، قد يكون المؤلف آنذاك هو خيالُ النص. ستكون هذه هي نقطتنا الأخيرة، لكنها سوف تظل معلقة….
ترجمة: لبنى حسَّـاك
———–
هامش:
(*) العكس اللّفظي: قابلية الكلام للقراءة من آخره إلى أوّله كما يمن أوّله إلى آخره، والمعتبر فيه الحروف المكتوبة لا الملفوظة، وهو مجرد مهارة شكليّة لفظيّةً لا يرتبط به معنى، وتكلُّفُه قد يُفْسِد المعانيَ المقصودةَ، أو يؤدي إلى استجلاب معانٍ ليست ذات قيمة. (المترجمة).
(**) النقيلة أو الانبثاث أو هجرة الخلايا السرطانية (بالإنجليزية: Metastasis) ويقصد بها عملية انتقال الخلايا السرطانية من عضو إلى آخر (المترجمة).
Bibliographie :
- Jean-Pierre Balpe. L’ordinateur, sa muse, Pratiques n°39, 1983.
- Jean-Pierre Balpe. Écriture, ordinateur et pédagogie, TEM n°1, Ed.L’atelier du texte (CEDITEL), Grenoble, 1984.
- Jean-Pierre Balpe. Écrire à l’ordinateur, Autrement n°69, Paris, 1985.
- Jean-Pierre Balpe. La production littéraire assistée par ordinateur (en collaboration avec Paul Braffort), TEM n°3/4, Ed.L’atelier du texte (CEDITEL), Grenoble, 1985.
- Jean-Pierre Balpe. Du haïku au renga, une écriture déplacée, colloque “le texte en mouvement”, centre Georges Pompidou, Paris 1985.
- Jean-Pierre Balpe. Aspects de la gestion du sens dans une perspective de génération automatique de textes, colloque “Le conte”, Albi 1986.
- Jean-Pierre Balpe. Initiation à la génération automatique de textes en langue naturelle, Eyrolles, 1986.
- Jean-Pierre Balpe. Un générateur automatique de centons, cahiers de poétique comparée n°12, Paris, INALCO, 1986.
- Jean-Pierre Balpe. La position de l’auteur dans la génération automatique de textes littéraires, in Linx n°17, Nanterre, 1987.
- Jean-Pierre Balpe. Aspects de la génération automatique de textes en langue naturelle, in Le Français aujourd’hui n°77, 1987.
- Jean-Pierre Balpe. Syntaxe et production automatique de textes, colloque “nouvelles recherches et grammaire”, Albi 1987.
- Jean-Pierre Balpe. Cinq fables électroniques dont une non, Action poétique n°106, 1987.
- Jean-Pierre Balpe. ROMAN, un logiciel d’écriture interactive, Le français dans le monde, n° spécial, août-septembre 1988, Hachette.
- Jean-Pierre Balpe. Il serait une fable… Génération automatique de fables en langue naturelle, colloque “La lecture informatique de textes”, Albi, 1989.
- Jean-Pierre Balpe. Littérature et nouveaux médias in Grand Atlas des littératures, Encyclopaedia Universalis, 1990.
- Jean-Pierre Balpe. L’auteur. Hors-cadre n° 8 (l’état d’auteur), P.U.V, Saint-Denis, mars 1990.
- Jean-Pierre Balpe. Macro-structures et micro-univers dans la génération automatique de textes à orientation littéraire. In “L’imagination informatique de la littérature”, PUV, Paris-St Denis, 1991.
- Jean-Pierre Balpe. Direction du n° 129-130 de la revue Action Poétique, Littérature informatique – Kaos n°3, Paris, décembre 1992.
- Jean-Pierre Balpe. L’écriture électronique. Encyclopaedia Universalis, vol.5, édition de 1992.
- Jean-Pierre Balpe. L’ordinateur comme stylo, in “Ateliers d’écriture”, Ed.L’atelier du texte (CEDITEL), Grenoble, 1992.
- Jean-Pierre Balpe. Literatura por ordenador, in Telos n°31, septembre-novembre 1992, Ed. Fundesco, Madrid.
- Jean-Pierre Balpe. Une littérature à base de données, in “Les banques de données littéraires comparatistes et francophones”, Presses de l’Université de Limoges, Limoges juin 1993.
- Jean-Pierre Balpe. La tentation de l’infini. In “Études romanesques n°1”, Ed.Lettres modernes, Paris 1993.
- Jean-Pierre Balpe. A propos du générateur “la mort dans l’âme”. Colloque Nord Poésie et Ordinateur, Cahiers du CIRCAV-GERICO Lille III, N° spécial, 1994.
- Jean-Pierre Balpe. Les tentations de Tantale, in Revue Texte, Trinity College Toronto, à paraître en juin 1994.
- Jean-Pierre Balpe. L’écriture de la mémoire. In “Le plaisir des mots”, Ed. Autrement, Paris 1994.
- Jean-Pierre Balpe. Une littérature si technique, in Revista del Instituto de Humanidades y Comunicacion, Madrid, à paraître en 1994.
- Jean Baudrillard. Cool memories, ed. Galilée, Paris, 1990.
- Henri Meschonnic. Modernité, modernité, ed. Verdier, Paris, 1988.
- Gertrude Stein, Lectures en Amérique, trad.Claude Grimal, ed. Bourgois, Paris, 1978.
- Georges Steiner. Dans le château de Barbe-Bleue, 1971, Paris, Gallimard, Folio-essais.
32. Georges Steiner. Réel
10٬928 تعليقات
أضف تعليقا ←